
بين رماد الماضي وأمل المستقبل: تصور متكامل للكتب المدرسية في سوريا الجديدة
في مرحلةٍ مفصلية من تاريخ سوريا، وبعد عقود من التزوير المنهجي للوعي، لم يعد تغيير النظام كافيًا… بل بات من الضروري أن نكتب سوريا من جديد، لا على جدران الخوف، بل في عقول الأجيال وضمائرهم.
وفي مقدّمة ما يجب تجديده: الكتاب المدرسي، لأنه أداة تشكيل حضارية وهوية ثقافية.
أولًا: فلسفة الكتاب في سوريا الجديدة

ينبغي أن تنطلق الكتب الجديدة من فلسفة تربوية تقوم على:
تحرير الوعي، لا تعبئته.
بناء الإنسان، لا إعادة إنتاج الطاعة.
تحويل المعرفة إلى أداة تحرّر، لا وسيلة إخضاع.
صياغة الهوية بوصفها مشروع حياة، لا شعارًا فوقيًّا ممجوجًا.
ثانيًا: سمات الكتاب المدرسي الجديد
البُعد | السمة المطلوبة | التوضيح |
---|---|---|
اللغوي | فصيح، بسيط، جذّاب | لغة تحترم عقل الطالب وتشجّعه على التعبير |
المنهجي | قائم على التفكير النقدي | لا تلقين، بل بناء قدرة على التحليل والمقارنة |
القيمي | يعزّز القيم الإسلامية والإنسانية | بأسلوب غير مباشر عبر القصص والمواقف |
الوطني | يغرس حب الوطن لا تمجيد الزعيم | المواطن الصالح هو مَن يحاسب لا مَن يصفّق |
الثقافي | يحتفي بالتنوّع السوري | منفتح على التراث السوري بكل أطيافه |
الاجتماعي | يرسّخ مفاهيم الحرية والعدالة | كتاب يُدرّب على المواطنة لا الطاعة |
ثالثًا: محاور التحرير المطلوبة

- تحرير كتب التاريخ من الرواية الأحادية.
عرض الأحداث بموضوعية، وإدراج روايات متعددة.
إعادة كتابة الثورة السورية كحدث وطني لا كتمرّد إرهابي.
تحرير كتب التربية من تمجيد السلطة.
حذف أقوال وصور الرموز الديكتاتورية.
إدماج سِيَر رموز الفكر، والعدالة، والمجتمع المدني.

3. تحرير كتب اللغة من الحشو والجفاف.
-
-
اعتماد نصوص أدبية معاصرة ومُلهمة.
- استخدام نصوص حقيقية من كتّاب سوريين أُقصوا في عهد الاستبداد.
-
4. تحرير كتب الدين من التسييس والتحريف.
-
-
-
عرض الإسلام منبع رحمة وعدل، لا أداة سلطة أو قمع.
-
احترام التنوّع المذهبي والفكري داخل المنهج الديني.
-
-
رابعًا: أنماط جديدة للكتب
كتب تفاعلية رقمية ترافق النسخ الورقية.
كتيبات إبداعية تعزّز التعبير الذاتي (رسم – كتابة – مبادرات).
سلاسل قصصية مصوّرة عن رموز الثورة والمجتمع المدني.
أدلة للمعلم تعينه على تأطير النقاشات وبناء المهارات القيمية.

خامسًا: أزمات فكرية يجب تجاوزها
ما كان في النظام القديم | الهدف المطلوب |
---|---|
شخصنة السلطة | كرامة الإنسان وحريته |
تغييب الجرائم التاريخية | الاعتراف وبناء الذاكرة |
أحادية الرأي | التعدد والحوار |
تحقير الآخر | الاعتراف بالتنوّع السوري واحترامه |

سادسًا: أسئلة جوهرية يجب أن تطرحها المناهج
- ما معنى الوطن بعد التهجير والدمار؟
- كيف نُعرّف الحرية لجيلٍ لم يعرف إلا الحصار؟
- من هو القدوة في زمن ضاعت فيه الرموز؟
- كيف نبني مجتمعًا مدنيًا متماسكًا في بيئة ما بعد الحرب؟
سابعا: نحو مشروع تربوي متكامل
لكي تنجح الكتب الجديدة في أداء دورها، لا بد من:
تأليفها عبر لجان مستقلة علميًا وتربويًا، لا حزبية.
تجريبها ميدانيًا وتطويرها وفق التغذية الراجعة.
فصلها التام عن السلطة السياسية أو العسكرية.
تحويل المدرسة إلى فضاء حرّ، لا امتداد للسجن الكبير.
الختام:
لن تُبنى سوريا الجديدة بجدرانٍ جديدة، بل بعقول جديدة.
ولن تُثمر الثورة ما لم تُترجم إلى مناهج تُخرّج الإنسان الحر، لا المواطن المُطيع.
فكما كانت المناهج جزءًا من الجريمة، فإنها اليوم قادرة على أن تكون أداة للخلاص وأساسا للنهضة.